«نحن نؤمن أننا قادرون على أن نستلهم الماضى، وأن نستنهض الحاضر، وأن نشق الطريق إلى المستقبل. قادرون أن ننهض بالوطن وينهض بنا.. نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق فى العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان، وأن لكل مواطن حقًا فى يومه وغده».. هذا الكلام جاء فى مقدمة دستورنا.
كما نصت جميع الاتفاقيات التى وقعت عليها مصر، وأصبحت ملزمة وجزءًا من دستورنا وفقًا للمادة «٩٣»، على حق الحياة الكريمة والمساواة وتكافؤ الفرص وتوفير فرص العمل اللائقة والكريمة للمواطنين والمواطنات وأجر يكفى الاحتياجات المعيشية الضرورية وضمان اجتماعى وتأمين صحى ومعاش يكفى حاجاته فى آخر العمر.
نعم من حق الطفل والمرأة والرجل أن يعيشوا فى أمان على أرض هذا الوطن الذى نعيش فيه ويعيش فينا. إننا نطالب بتفعيل وتطبيق مواد دستورنا فى التشريعات التى يقوم بها مجلس النواب، بمعنى حين نسن تشريعًا يمس كل العاملين فى الدولة لا بد أن يراعى عدم مخالفة الدستور وحقوق المرأة والطفل والرجل، ونعطى مثلًا على كلامنا إذا كانت المادة «١١» من الدستور تنص على أن «تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل»، فهذا معناه أن يشمل قانون العمل الذى سيناقشه ويصدره مجلس النواب مواد تعطى المرأة والرجل الأجر المتساوى عن العمل المتساوى، وأن تشمل توفير الحماية للعامل والعاملة من العنف فى أماكن العمل منذ خروجهم من بيوتهم قاصدين مكان العمل وحتى عودتهم، ولذا من المهم أن توقع مصر على الاتفاقية رقم «١٩٠» الصادرة من منظمة العمل الدولية فى الحادى والعشرين من يونيو ٢٠١٩، التى تناهض العنف والتحرش فى أماكن العمل وتعتبره انتهاكًا وإساءة لحقوق الإنسان وتهديدًا لتكافؤ الفرص، كما تلزم الاتفاقية الدول بوضع تشريعات تُجرِّم العنف وتعاقب مرتكبيه.
ولأهمية هذا الموضوع عُقِدت عدة جلسات وندوات فى دار الخدمات النقابية بمشاركة المؤتمر الدائم للمرأة العاملة والاتحاد الدولى للخدمات، وبحضور القادة من العمال والنقابات والأحزاب للمطالبة بتوقيع الاتفاقية من جهة، ومن جهة أخرى وضع مواد فى قانون العمل تتضمن مناهضة العنف وتوفير بيئة آمنة للعمل وضمان السلامة المهنية.
كما تم عقد ندوة مهمة بخصوص قانون العمل فى الحزب الاشتراكى المصرى بحضور الدكتور أحمد البرعى، الوزير الأسبق للقوى العاملة والتضامن الاجتماعى، والسادة النواب والقادة العماليين وأعضاء حملة الحريات النقابية والدفاع عن حقوق العمال. تناولت الندوة أهم المواد التى يشملها قانون العمل المراد إصداره، والتى يجب أن تحقق التوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، وتحق للعمال الأمان الوظيفى والأجر العادل وحق المفاوضة الجماعية لحل المشاكل بين العمال وأصحاب العمل، وحق الإضراب السلمى الذى يكفله الدستور فى المادة «١٥» وحق العامل فى مكافأة لا تقل عن شهرين عن كل سنة عمل عند إنهاء الخدمة، وأنه لا يجوز فصل العامل إلا بأمر المحكمة. وركز الحاضرون عبر النقاش والحوار على أهمية وضع عقوبات على ارتكاب العنف والتحرش بكل أشكاله من أصحاب الأعمال «باعتبارهم أصحاب السلطة والهيمنة» على العمال والعاملات «وهم العنصر الأضعف فى طرفى المعادلة». وطالب الحاضرون بالاهتمام بالعمالة غير المنتظمة «المؤقتة والموسمية» والتى تشكل نصف عدد العاملين فى الدولة ووضع الضمانات الاجتماعية والحماية لهم.
وبالنسبة للعاملات فى المنازل والعاملات فى الزراعة طالب الحاضرون بضمهن للفئات التى يشملها قانون العمل الجديد، من أجل توفير الحماية والضمانات الاجتماعية لهن.
ومن أهم البنود التى تم نقاشها هو توفير الأمان الوظيفى، بأن يكون عقد العمل دائمًا ويكون مؤقتًا فقط فى حالة العمل المؤقت الذى تقل مدته عن السنة. وبالنسبة للأجور تطرق الحاضرون إلى أهمية تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور، والاجتماع على الأقل مرة كل سنة، وأن تتم مراجعة الأجور وزيادتها وفقًا لمعدلات التضخم، وأن تتم دراسة لوضع حد أدنى للأجور يكفى الاحتياجات الضرورية ويصدر بها قرار ويكون ملزمًا لكل أصحاب العمل سواء فى القطاع العام أو الخاص.
إن توفير فرص العمل وتدريب وتأهيل العمالة لسوق العمل وتوفير بيئة عمل آمنة ومعاش وتأمين صحى للعاملين والعاملات، يدفع بالعمل للأمام ويساعد فى تقدم الدولة وبنائها واستقرارها.
وأود أن أشير فى نهاية مقالتى إلى ما جاء فى المادة «١٣» من الدستور «تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العمل الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعى، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية ويحظر فصلهم تعسفيًا، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون
المصدر